ترك نبي الله إبراهيم أرضه وذهب إلى مصر وأقام في أرض جرار. كانت زوجته سارة جميلة جدا وكان إبراهيم يخشى على حياته لجمال سارة. فقد عُرف عن الرجال في تلك الأرض بأنهم لم يخافوا الله الخالق. فقرر أن يقول بإن سارة أخته.
أرسل أبيمالك، ملك جرار، وأخذ سارة لتعيش في قصره وتكون زوجة له. ونزل في جرار. "وَٱنْتَقَلَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ هُنَاكَ إِلَى أَرْضِ ٱلْجَنُوبِ، وَسَكَنَ بَيْنَ قَادِشَ وَشُورَ، وَتَغَرَّبَ فِي جَرَارَ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ سَارَةَ ٱمْرَأَتِهِ: «هِيَ أُخْتِي». فَأَرْسَلَ أَبِيمَالِكُ مَلِكُ جَرَارَ وَأَخَذَ سَارَةَ." (التوراة، التكوين ٢٠: ١-٢)
على الرغم من كونه نبي الله، أظهر النبي إبراهيم بهذه المناسبة، ضعفه كإنسان بقوله إن سارة كانت أخته، فقد دخل الشك إلى قلبه. ورأى أنه لن يكون مذنباً إذا ما قدم سارة على أنها أخته؛ لأنها بالحقيقة كانت ابنة أبيه فقط، وهذا ما تم ذكره في التوراة والحديث. لكن إخفاء العلاقة الحقيقية بينهما لم يكن صحيحًا. فانحراف عن النزاهة الصارمة لا يمكن أن يجد رضى الله.
ثم أعطى الله الملك أبيمالك حلما ليكشف الحقيقة عن سارة: "فَجَاءَ ٱللهُ إِلَى أَبِيمَالِكَ فِي حُلْمِ ٱللَّيْلِ وَقَالَ لَهُ: «هَا أَنْتَ مَيِّتٌ مِنْ أَجْلِ ٱلْمَرْأَةِ ٱلَّتِي أَخَذْتَهَا، فَإِنَّهَا مُتَزَوِّجَةٌ بِبَعْلٍ. وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ أَبِيمَالِكُ قَدِ ٱقْتَرَبَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، أَأُمَّةً بَارَّةً تَقْتُلُ؟ أَلَمْ يَقُلْ هُوَ لِي: إِنَّهَا أُخْتِي، وَهِيَ أَيْضًا نَفْسُهَا قَالَتْ: هُوَ أَخِي؟ بِسَلَامَةِ قَلْبِي وَنَقَاوَةِ يَدَيَّ فَعَلْتُ هَذَا. فَقَالَ لَهُ ٱللهُ فِي ٱلْحُلْمِ: «أَنَا أَيْضًا عَلِمْتُ أَنَّكَ بِسَلَامَةِ قَلْبِكَ فَعَلْتَ هَذَا. وَأَنَا أَيْضًا أَمْسَكْتُكَ عَنْ أَنْ تُخْطِئَ إِلَيَّ، لِذَلِكَ لَمْ أَدَعْكَ تَمَسُّهَا. فَٱلْآنَ رُدَّ ٱمْرَأَةَ ٱلرَّجُلِ، فَإِنَّهُ نَبِيٌّ، فَيُصَلِّيَ لِأَجْلِكَ فَتَحْيَا. وَإِنْ كُنْتَ لَسْتَ تَرُدُّهَا، فَٱعْلَمْ أَنَّكَ مَوْتًا تَمُوتُ، أَنْتَ وَكُلُّ مَنْ لَكَ." (التوراة، التكوين ٢٠: ٣-٧)
مقاصد الله كاملة، فهو أمين وصالح. أخبر أبيمالك عبيده عن الحلم في ذلك الصباح، ثم دعا أبيمالك إبراهيم نبي الله وقال له: "مَاذَا فَعَلْتَ بِنَا؟ وَبِمَاذَا أَخْطَأْتُ إِلَيْكَ حَتَّى جَلَبْتَ عَلَيَّ وَعَلَى مَمْلَكَتِي خَطِيَّةً عَظِيمَةً؟ أَعْمَالًا لَا تُعْمَلُ عَمِلْتَ بِي." (التوراة، التكوين ٢٠: ٩)
"فَأَخَذَ أَبِيمَالِكُ غَنَمًا وَبَقَرًا وَعَبِيدًا وَإِمَاءً وَأَعْطَاهَا لِإِبْرَاهِيمَ، وَرَدَّ إِلَيْهِ سَارَةَ ٱمْرَأَتَهُ. وَقَالَ أَبِيمَالِكُ: «هُوَذَا أَرْضِي قُدَّامَكَ. ٱسْكُنْ فِي مَا حَسُنَ فِي عَيْنَيْكَ». وَقَالَ لِسَارَةَ: «إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُ أَخَاكِ أَلْفًا مِنَ ٱلْفِضَّةِ. هَا هُوَ لَكِ غِطَاءُ عَيْنٍ مِنْ جِهَةِ كُلِّ مَا عِنْدَكِ وَعِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ، فَأُنْصِفْتِ. فَصَلَّى إِبْرَاهِيمُ إِلَى ٱللهِ، فَشَفَى ٱللهُ أَبِيمَالِكَ وَٱمْرَأَتَهُ وَجَوَارِيَهُ فَوَلَدْنَ. لِأَنَّ ٱلرَّبَّ كَانَ قَدْ أَغْلَقَ كُلَّ رَحِمٍ لِبَيْتِ أَبِيمَالِكَ بِسَبَبِ سَارَةَ ٱمْرَأَةِ إِبْرَاهِيمَ." (التوراة، التكوين ٢٠: ١٤-١٨)
مرة أخرى من خلال الأحلام يكشف الله الحقيقة وبأن ومقاصده لا تفشل، حتى لو فشل نبي الله. أدرك الملك أبيمالك سيادة الله ورحمته، وعلاوة على ذلك، جنّب الله الملك ارتكاب خطأ جسيم، لأنه كان يجهل الحقيقة، وأتيحت الفرصة لنبي الله أن يشرح الموقف، لا بل ويتوسط لشفاء بيت أبيمالك. كما حفظ الله سارة ورزق نبيه إبراهيم.